الثلاثاء، 14 أغسطس 2012

حزب الدستور.. (ليه؟!)


جرت العادة في بلادنا أنه إذا عرضت على أحدًا أمرًا ما، أن يسألك بمناسبة أو بغير مناسبة "ليه؟!" وإذا تعلق هذا الأمر بالسياسة فحتمًا أن يسبق "ليه" بكلمة اعتراضية لا مجال لذكرها هنا، فالسياسة هي البعبع الذي طالما ألصقت شوارب إلى حيطان الشوارع إتقائًا لشرها وهمها، ولكن الأمور قد تغيرت والأحوال تبدلت، وأصبح من لا يمتلك شاربًا أصلًا يتراقص في الشوارع وهو يسب الرئيس - أرفع منصب في الدولة-، وإختفت الكلمة الاعتراضية، وبقيت "ليه"، فعندما نسمع اليوم عن تأسيس حزب جديد اسمه "الدستور" تحت قيادة الدكتور البرادعي، فطبيعي أن تسمع 90 مليون في نفس واحد يقولون "ليه هوا احنا ناقصين أحزاب؟!" الحقيقة وبعيدًا عن المصطلحات السياسية المعقدة، "احنا فعلًا معندناش أحزب" سيرد هنا ال90 مليون في نفس واحد أيضًا "إنت هتشتغلنا، أمال ايه كل الأحزاب دي؟!!" عزيزي المواطن نحن لا نمتلك فعلًا أحزاب حقيقية تربي كوادر سياسية شابة لتحررنا من عصور العواجيز التي أنهكت البلاد وأوردتها موارد الهلاك، أحزابنا الموجودة اليوم لا نراها إلا في أوقات الإنتخابات، فلم نرى الأحزاب الكبيرة تجوب الشوارع والمناطق الفقيرة بقوافل طبية، لم نرى دورات التثقيف السياسي لشباب القرى والنجوع والمناطق الشعبية والعشوائية، وتستطيع أن تعدد ما تشاء من الأنشطة المفترض أن تدعمها وتقدمها الأحزاب، وستجد أن أيًا منها لا يُمارس على الأرض، بالبلدي أستطيع أن أقول أن أحزابنا هي "أحزاب مواسم" لا تراها في الشارع إلا في مواسم الانتخابات أم غير ذلك، فعذرًا عزيزي المواطن لا حاجة لهم بك، والواقع يقول أنك في حاجة إلى البديل.


أعلم أن هناك من يسأل متهكمًا، ويقول هل حزب الدستور هذا هو الذي سيختلف عن كل هذه الأحزاب؟! سأجيبك هنا بأن أحكي لك تجربتي الشخصية مع الحزب، ففي مدينتي "قلين" بمحافظة كفرالشيخ، وهي مدينة صغيرة لم تشهد أي نشاطات سياسية حقيقية وفاعلة، أستطيع أن أقول أنها من المدن "الريفية" المعزولة سياسيًا، ومع ذلك تجمع أكثر من ثلاثين شابًا، ممن يؤمنوا بأفكار الحزب وتتلخص في تحقيق أهداف الثورة، تجمع أولئك الشباب واستطاعوا بجهودهم الذاتية أن يوفروا مقر ويقدموا أفكار قابلة للتنفيذ على الأرض ويشكلوا لجان، كل هذا في أقل من إسبوع، وهذا ما يجعلني على يقين بأن هذا الشباب الذي يضحي بوقته وماله وجهده من أجل فكرة يؤمن بها، يستطيع بإذن الله أن يصنع الاختلاف، ويستطيع أن يخلق كيان سياسي جديد بأفكار جديدة وبأليات تنفيذ على الأرض مبتكرة.

وبالإضافة إلى ذلك، فهناك أيضًا التنوع الفكري الذي أبهرني سواء على مستوى التجمعات الصغيرة، أو على مستوى القيادات والمؤسسين، فعندما ترى الدكتور محمد يسري سلامة السلفي والمتحدث الرسمي السابق بإسم حزب النور، يجلس على مائدة واحدة إلى جوار جميلة إسماعيل ليبرالية الفكر وإلى جوارهم البطل أحمد حرارة –وكأن الثورة قد إجتمعت على مائدة واحدة-، وهذا يجعلني على يقين أن هؤلاء تجردوا من مصالحهم الشخصية ليجتمعوا على بناء وطن وتحقيق أهداف الثورة، فحزب الدستور بتكوينه المعتمد بالأساس على الشباب النقي الذي لا يعنيه سوى مصلحة الوطن، سيملأ حتمًا الفراغ الذي تركته الأحزاب الأخرى.

وتقديرًا مني لإيمانك بنظرية المؤامرة، سأرد على بعض ما يراودك الآن بأن كل ما أقوله هذا هو من قبيل "الهري والرغي" والكلام الذي سمعناه كثيرًا ولا نرى منه شئ على أرض الواقع، أقدر وجهة نظرك، ولكني أختلف معها، فمنذ متى يا صديقي ونحن نرى شبابًا يقومون بإنشاء حزب بمجهوداتهم الذاتية -قبل أن يُعلن تأسيسه-؟!، منذ متى ونحن نرى هذا الكم من الشباب أصلًا يعمل بهذه الروح في عمل جماعي واحد؟! هنا أتذكر رأي الدكتور البرادعي في الشباب الذي وصف قوتهم بالسيل إذا اجتمعوا على هدف، وكما جمعت الجمعية الوطنية للتغيير في الماضي الشباب لتحقيق حلم الثورة، اليوم يجمعهم حزب الدستور في كيان واحد ليبدأوا التغيير على الأرض.

في النهاية أدعوك أن تذهب بنفسك إلى تجمعات حزب الدستور في أقرب منطقة لسكنك، وتجلس بين تجمعات الشباب وتسمع منهم وتسألهم عن أحلامهم وأحلامك التي أثق بأنها مشتركة بينكم، فما أحوجنا جميعًا أن نحلم بوطنِ عزيز يصون كرامتنا ونصونه بأنفسنا ونبنيه بسواعدنا.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عبدالحليم حفينة
13/8/2012