السبت، 31 مارس 2012

فريق "إمسك حلم".. ُحلمٌ أسرني!



لم أكن يومًا من هواة إرتياد المسارح، ولم أرهق نفسي في البحث عن فرقة مسرحية تجسد لي عبقرية ما أقرأه من مسرحيات، بل كنت أرى في الفرق المسرحية الموجودة ركاكة لا ترقى لتجسيد روعة ما أقرأه من إبداعات أدبية طالما همت بها وإستمتعت بقراءتها تحت ضوء أباجورتي العتيقة، ولكن هذا الرأي وهذه الفكرة لم تكن إلا تقصيرًا مني في متابعة المسرح، وإهمالًا لا أنكره في متابعة فنون قد تغير وجهة نظرك في الحياة وفي الكون وفي أسباب العيش وسبلها بأكملها، لم أكن قد كونت رأي عن الفن بأكمله، فكنت أرى منه الهادف ومنه المسف، وللأسف كان يطفو على سطح حياتنا اليومية المبتذل منه، وإنتشرت في السنين الأخيرة وجهات نظر وفتاوى دينية تحرم الفن بأكمله، لم أكترث كثيرًا لكل هذا الصخب المجتمعي الموجود وأكتفيت بأن أظل قابعًا في كوخي الذي صنعته في خيالي لأقرأ وأتعلم من الأدب، إلا أن جاء اليوم الذي تغيرت فيه رؤيتي عن المسرح أو بالأحرى تكونت.


 كان يوم حفل إفتتاح "برلمان شباب الأسكندرية" بمكتبة الأسكندرية الخالدة، والذي نظمه شباب "مبادرة أدوار" الأكثر من رائعين، والذي قادني القدر وحده لحضوره، حضرت الحفل إلى نهايته وقبل أن أستعد للرحيل ظهر على المسرح شاب لم أره طوال الحفل فلم يكن أحدًا من المقدمين أو المنظمين.. أخذ يختال على المسرح ويلقي بالقفشات والنكات لم أستسيغ أسلوبه في البداية ربما لأني لم أكن أعلم ماذا يحدث بالضبط ، ولكن بعد قليل من من التركيز مع هذا الشاب، بدأت أضحك وأضحك إلى أن كدت أموت ضحكًا، إنه عرض مسرحي - حينها فقط أدركت - .. بدا العرض كوميديًا، وقلت في نفسي لنروح عن أنفسنا قليلًا بعد العصف الذهني الذي كنا فيه منذ قليل.. بدأ العرض وأخذ أعضاء الفريق بالظهور على المسرح واحدًا تلو الآخر، وبعد قليل ُغصت في عمق العرض وفي فكرته، كان العرض يصور مأساة شاب وفتاة لا يستطيعون إلى الزواج سبيلًا.. لخص العرض ببساطته وأسلوبه الساخر - الأكثر من رائع – مصربكل ما تعانيه من مشاكل تلخصت في أزمة محبين لا يستطيعون الزواج.. كان العرض رائعًا بكل ما تعنيه الكلمة، وأكثر ما أبهرني هو الأداء المدهش لكل أعضاء الفريق.. "فريق إمسك حلم".. خرجت بعدها من الحفل متناسيًا كل تفاصيله عدا العرض المسرحي، وكأن الحفل بأكمله تمخض ليقدم لنا هذا العرض العبقري.. كان إسم العرض "بكره".. وتمنيت أن يأتي "بكره" لأرى هذا الفريق أعظم فريق في مصر والعالم، ويجوب أنحاء المعمورة بإبداعه ليصل بعبقرية الفن المصري إلى وجدان العالم بأكمله، كما وصلوا إلى وجداني وغاصوا فيه، خرجت يومها من العرض بشعور من الرضا عن النفس لا أصل إليه إلا قليلًا، وكأني أنا من قدمت العرض وكأنني من أبدعت، كان يومًا بديعًا بحق، وتمنيت لو أرى كل المسرحيات وكل الروايات التي أقرأها وسأقرأها عرضا حيًا.. حينها فقط أدركت قيمة الفن وقيمة المسرح وكيف أنه يهذب النفوس، ليست النفوس فقط وإنما الفكر أيضًا.. لا يسعني إلا أن أقدم جزيل الشكر والعرفان بالجميل لجميع القائمين على العرض، فأنا مدين لهم بكل المشاعر الطيبة التي حملتها وبكل فكرة راقية داعبت ذهني، وبكل قيمة رسخت في وجداني.. وما أتمناه وأحلم به أن أرى في بلدي فنًا كهذا وأن يسلط عليه الضوء، فهذا الحلم لا يقل في قيمته عن كل حلم حلمنا به قبل الثورة وزاد التشبث به بعد الثورة.. فبكل صدق هذا الفريق "إمسك حلم" حُلمٌ أسرني!




ــــــــــــــــــــــــــ
عبدالحليم حفينة 
31/3/2012
الرابط الخاص بصفحة فريق "إمسك حلم" على الفيس بوك
https://www.facebook.com/pages/%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82-%D8%A7%D9%85%D8%B3%D9%83-%D8%AD%D9%84%D9%85-%D9%84%D9%84%D9%81%D9%86%D9%88%D9%86/172900159452730

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق