الثلاثاء، 27 مارس 2012

بالمنطق.. لا أرى أبو إسماعيل رئيسًا!



أحب كثيرًا الآراء المبنية على المنطق والتفكير العقلاني، وأمقت تلك المبنية على الانتمائات والإيدلوجيات، فليس لمجرد أنني لا أنتمي للتيار الإسلامي أحكم على من ينتمي إليه بالفشل أو بعدم الصلاحية لأمرٍ ما، ونحن الآن بصدد إختيار رئيسًا للجمهورية، وهو أرفع منصب في الدولة، مع العلم أن صلاحيات الرئيس مازالت في علم مكتب الإرشاد.. إلا أننا سنهيئ أنفسنا لاختيار رئيسًا ربما تكون له صلاحيات كبيرة، فلابد من اختيار الأصلح والأجدر لقيادة دولة  من بين عشرات الأسماء المطروحة.
ومن بين جميع المرشحين وبرؤية بسيطة للموقف ترى أن هناك حشدًا هائلًا لدعم أبو إسماعيل من التيار السلفي، يذكرني بالحشد للانتخابات البرلمانية ومن قبلها التعديلات الدستورية، وهذا ما يجعلني أرى الفرصة كبيرة لفوز حازم صلاح أبو إسماعيل، فنتيجة الحشدين السابقين معلومة للجميع، ولكن دعونا نتجرد من كل هذه النتائج والحشود ونحكم على المرشح حازم صلاح أبو إسماعيل بمنطق وحيادية. 
في البداية أنا أحب هذا الرجل وأقدره لنقائه وبساطته، حتى وإن اختلفت معه في الفكر والمنهج، فهو شخص يستحق كل الاحترام والتقدير، ولكن نحن هنا ليس لنقد شخصه، وإنما نحن نستعرض قدراته التي تؤهله لقيادة دولة.

أولاً العمل العام: من المفترض في رجل يطرح نفسه للناس مرشحًا للرئاسة أن يكون له باع طويل من الكفاح في العمل العام، والمشاركة الفاعلة والنشطة في الحياة العامة، وهذا لم نره من الشيخ حازم قبل الثورة، فغالبية من عرفه من الشعب المصري لم يعرفه إلا بلقب الداعية أو الشيخ، ولم يعرفه الناس يومًا ناشطًا حقوقيًا بحكم عمله في المجال الحقوقي، أو رئيسًا لنقابة المحامين، أو نائبًا برلمانيًا، أو في أي مكان يؤهله للعمل العام والتفاعل مع مشاكل الناس، فليس هناك ما قدمه أو ما يميزه في العمل العام ليقدم نفسه من خلاله مرشحًا لرئاسة الجمهورية! فشأنه كشأن آلاف المحامين المحترمين!

ثانيًا النضال السياسي وحلم التغيير: أعتقد أن رئيس ما بعد الثورة لابد أن يكون من أولئك الذين دعوا للثورة وكانوا ضمن وقودها، فأقدر شخص على إتمام أي عمل هو من بدأه أو من شارك في الإعداد له على الأقل، والرئيس القادم من المفترض أنه من سيحقق مطالب الثورة، أما الأستاذ حازم صلاح أبو إسماعيل شأنه في الثورة كشأن الملايين المشاركة، وموقفه قبلها – وقت أن كنا نحلم بها – لم يتعدى التلميح وليس التصريح، وإن صرح أحيانًا في ندوة أو برنامج تلفزيوني، ولكنه لم يشارك يومًا القوى الوطنية في مواجهة نظام المخلوع، فأين كان الشيخ حازم وقت أن كان ُيسحل الدكتور عبدالوهاب المسيري المفكر الإسلامي الكبير أمام نقابة الصحفيين في أثناء المشاركة في فعاليات حركة كفاية؟! أين كان من أحداث 6 إبريل في المحلة عام 2008؟!! لم أرى له موقف مسجل واحد يدعم فيه أحداث المحلة أو أي من الفعاليات الثورية قبل الثورة، أين الشيخ حازم من الجمعية الوطنية للتغيير التي حملت ُحلم الثورة؟!! وطافت به أنحاء مصر والعالم، الخلاصة أن الشيخ حازم لم يشارك في أيٍ من الفاعليات الثورية قبل الثورة بخلاف بعض أقرانه من المرشحين ومنهم على سبيل الذكر الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح والأستاذ حمدين صباحي، ففرسان التغيير هم أحق بقيادة البلد، ولمن لم يعرف، أنه لم يتم إعتقال الشيخ حازم مرة واحدة في تاريخه، وليس الإعتقال بمقياس، ولكنه مؤشر من مؤشرات النضال السياسي، وضريبة دفعها كل من آمن بالتغيير.. فكيف سيحقق التغيير من لم ينادي به ومن لم يدفع ضريبة النضال من أجله؟!!

ثالثًا الوضع الخارجي والعلاقات الدولية : أعتقد أنه من الواضح للجميع أن الشيخ حازم رجل طيب وخبرته واسعه جدًا في مجال "الجلسات العرفية"، كما قال هو في لقائه الأخير مع خيري رمضان، أستحلفك بالله ياشيخ حازم هل يصح أن يكون مؤهل رئيس جمهورية هو الخبرة في الجلسات العرفية؟!! ألا يستحي مرشح لرئاسة جمهورية من المفترض أنه سيجالس زعماء العالم أن يقول أن هذا ضمن خبراته الواسعة!! الشيخ حازم ليست لديه أي علاقات خارجية أو خبرات دولية ُتذكر بخلاف رحلته للولايات المتحدة أثناء انتخابات الرئاسة هناك، فالشيخ حازم لم ُيشارك في أي منظمة دولية، ولم نسمع أن بحث من أبحاثه الدستورية العظيمة - الذي لم يترك مناسبة إلا وتحدث عنها – ُنشر في مجلة عالمية مختصة بالقانون، أو حاز على جائزة عالمية بسبب دراسة من دراساته العظيمة.. أظن إن كان لدى الشيخ حازم أي خبرة سياسية ُتذكر فهي إمتهانه للمحاماة نفس مهنة  الرئيس الأمريكي أوباما، وذلك على حد قول وإدعاء الشيخ حازم نفسه!!

رابعًا البرنامج الإنتخابي : من الطبيعي أن يكون الكلام الجميل والمنمق جذاب، وإذا كانت الطريقة لطيفة وودودة فسيحوز على إعجابك فورًا، حتى إن لم يكن منطقيًا أو واقعيًا، وأكثر ما أعجبني في برنامج الشيخ حازم هو أسلوبه الجميل والهادئ في عرضه، أما البرنامج نفسه فمجرد أحلام كالتي كنت أحلم بها كل ليلة قبل النوم منذ كنت صغيرًا، وهذه الأحلام تفتقد للآليات والإمكانيات والموارد، وما يتحدث به الشيخ حازم ليس أكثر من كلام إنشاء بديع من الممكن جدًا أن يكتبه طالب نجيب في الصف الثالث الإعدادي، وقد نسف الشيخ حازم برنامجه الانتخابي في لقائه الأخير مع خيري رمضان نسفًا، وذلك عندما قال إن الأرقام المتداولة  - خصوصًا الإقتصادية منها - والتي إعتمد عليها في برنامجه كان فيها تلاعب كبير من قبل النظام السابق، وأنه يحتاج أربعة أشهر لكي يقوم بمراجعة دقيقة لتلك الأرقام!! العجيب هنا أن الشيخ حازم بنى برنامجه وتصوراته وحلوله على أرقام هو يعرف أنها خاطئة، فالشيخ حازم هو المرشح الوحيد الذي وضع حلولًا تفصيلية لكل المشاكل، مع أنه لا يعرف أبعاد تلك المشاكل بصورة واضحة وبالتفصيل كما ذكر هو بنفسه، إذن فما الداعي أن تقدم وعودًا وليس في يدك تنفيذها، الداعي الوحيد هنا ياسادة هو كسب مزيد من أصوات الغارقين في أحلام اليقظة ، ليس إلا!!

وفي النهاية أكرر بأني لا أنتقد شخص الشيخ حازم الكريم، ويعلم الله كم أحمل لهذا الرجل من حب وتقدير وإحترام، ولكني إستعرضت وناقشت قدرات رجل يقدم نفسه للشعب ليختاره رئيسًا، وهذا طبيعي ومقبول خصوصًا إذا كان النقد موضوعي، وأدعو الجميع إلى التفكير المنطقي المجرد من العواطف الآن حتى لا يسقط الوطن، وأدعو إلى تغليب مصلحة الوطن على مصلحة انتمائتنا وأيدلوجياتنا.. وأسأل الله سبيل الرشاد لي ولكم ولوطننا العزيز.


ــــــــــــــــــــــــــ
عبدالحليم حفينة
27/3/2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق