الخميس، 9 مايو 2013

ثورة التشكيك.. ثورة تأكل الثورة!



البعض منا يعتبر أن الخطر الأعظم الذي يواجه الثورة هو الإخوان بتطرفهم وطغيانهم، وتشبثهم بالدولة القمعية ظنًا منهم أنها تحمي وجودهم، ولا أنكر أن ذلك من أشد الأخطار التي تواجه الثورة وأهدافها، ولكن إذا ارتضينا بأن نعيد ترتيب أولويات المخاطر؛ سنجد أن الخطر الأكبر كامن داخل الثورة ذاتها بتنظيماتها وحركاتها وشخوصها، إن الخطر الذي قد يحرق الثورة ويطفئ جذوتها في قلوب المصريين يكمن في نظرية التخوين والتشكيك في كل شئ، فما أكثر أن تسمع اليوم في ميادين الثورة لفظة "أمنجي"! بل تخطى الأمر حاجز الإتهامات والشكوك إلى أن وصل للتعدي بالضرب والسباب والطرد من التظاهرة، ورأيت ذلك بعيني، وكان الدليل على عمالة  الشخص الذي حدث معه ذلك أمامي؛ أنه كان يصور بكاميرته التظاهرة!! وسمعت كثير من الحكايات من أصدقائي الثوريين أيضًا التي لا تقل عن ما رأيته.. وأحسب أن بتمادي هذه الأفة أن يعزف الكثير من الناس عن المشاركة في أي فاعلية ثورية ولهم ومعهم في ذلك كل الحق، فربما لهيئة أحدهم التي لا تروق للبعض، أو لكونه لا يجيد صنعة الهتاف والتسلق على الظهور، أو لأنه لا يعرف لتملق مشاهير الثوار طريقًا، فيغدو بذلك ممن تترصدهم الأعين وتُطلق عليه لفظة "أمنجي" فيخاصم الثورة ويهجرها.

ورغم ذلك لا أنفي مُطلقًا إندساس عناصر أمنية داخل صفوف الثوار، ولكن ما أنكره وأمقته هو آلية نبذهم التي قد تُخرج من الثورة أنبل وأطهر من فيها أحيانًا، ويرجع القصور في ذلك من وجهة نظري إلى سوء التنظيم، وعدم التنسيق الجيد بين الحركات الثورية، وعدم توحيد المطالب، والإسراف في النزول للشارع بدون هدف واضح، وكل ذلك أدى في النهاية إلى عدم ضخ دماء جديدة، وعدم المقدرة على إستقطاب عوام الناس للتعبير عن سخطهم على أحوالهم وسوء تدبير النظام لها، وأصبحنا نجد الفاعليات قاصرة على الثوار أعضاء الحركات والتنظيمات الثورية فقط!!
لماذا لم نعد نرى التظاهرات تخرج من المناطق الشعبية بدلًا من إنحصارها في بؤر معروفة للأمن يسهل السيطرة عليها وتفريقها؟!! وإذا كانت الثورة بكوادرها لا تستطيع توجيه غضب الناس ضد النظام، وإستقطاب أصحاب الحقوق وضمهم إلى ركاب الثورة، فلماذا إذًا نتشدق بالدفاع عن حقوق الناس ونحن لا نسمح لهم بأن يعلو صوتهم بيننا؟!
الحل الوحيد من وجهة نظري لطرد "الأمنجية" من صفوف الثورة هو التنظيم الجيد المتفق على آلياته بين كل المشاركين، وفك جميع الحركات الثورية والتوحد في كيان واحد، ففهمي للتعدد هو وجود إختلاف في الأفكار وهذا طبيعي ومقبول جدًا في الأحزاب السياسية ذات التوجهات المختلفة، أما ان تجد الفكرة الثورية الواحدة مقسمة بين عشرات التنظيمات والحركات، وكل حركة يحدث بداخلها خلاف شخصي تنقسم إلى حركتين أوأكثر؛ فسوء التنظيم ونبرة الأنا - المتعالية - والتشرذم والتخوين، كل هذا هو الخطر الأعظم على الثورة لأنه يأكل الثورة من الداخل، فلن يجد الإخوان أو الفلول بعد ذلك ثورة يحاربوها وسيسودوا كما ساد الظالمون من قبل لعشرات السنين..
إستقيموا أو اعتزلوا.

عبدالحليم حفينة
9/5/2013

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق