الأحد، 15 يوليو 2012

أحمد الجيزاوي "قضية وطن"


"آفة حارتنا النسيان" تلك العبارة العبقرية التي أطلقها يومًا أحد عظام هذا الوطن (الراحل نجيب محفوظ) لتنطبق علينا دائمًا وأبدًا، واليوم أستميح روحه الخالدة في وجداننا عذرًا، لأدخل على هذه العبارة إضافة ليتم التطابق مع واقع قضيتنا فأقول "آفة حارتنا التدليس والكذب ثم النسيان" فقد إعتدنا أن نصدق الكذب والتدليس لتظل ضمائرنا مستكينة، فلا تعبث بها جراح الوطن النازفة، فكم نسينا أو بالأحرى تناسينا من قضايا أوطاننا! متعللين بالأكاذيب والأباطيل التي يروج لها إعلام الأنظمة القمعية وأجهزته الأمنية.

وتظل قضية أحمد الجيزاوي شاهدًا على كذبٍ إعلامي وتدليسٍ حكومي وتصديقٍ شعبي، وأحمد الجيزاوي لمن لا يعرفه، هو مواطن مصري يشتغل بالمحاماة، وقد حمل على عاتقه قضية الدفاع عن المصريين الذين يتم إعتقالهم تعسفيًا في السعودية، - وهنا أقدر جهد الجيزاوي وأشعر به، فلي صديق ظل رهن الإعتقال التعسفي في السعودية ما يزيد عن خمسة أشهر بدون تحقيق أو محاكمة - وقد تطوع أحمد الجيزاوي للدفاع عن حقوق هؤلاء المصريين الذين ُتسلب حريتهم وكرامتهم بمنتهى البجاحة، فقام الجيزاوي برفع قضية في محكمة جنوب القاهرة إختصم فيها ملك السعودية، وظهر على أحد الفضائيات ليوجه نقد لازع وعنيف للملك، وكان هذا كله سببًا في إعتقاله عند زيارته السعودية للاعتمار بصحبة زوجته، وكعادة الأنظمة القمعية لابد من توجيه إتهام وتلفيق جريمة حتى تمتص غضب الرأي العام، وحتى يجد المتقاعسون عن نصرة المظلوم سببًا يعللون به تخاذلهم، فلفقوا للجيزاوي قضية مخدرات على طريقة جهاز الأمن القمعي المصري، الذي اعتاد على تعليب الإتهامات، والإلقاء بها في وجه كل من يعارضه للخلاص منه والزج به في غياهب السجون وربما قتله في بعض الأحيان.

وما حدث من تصعيد شعبي في مصر ضد ديكتاتور الجزيرة العربية، كان صفعة قوية على وجه هذا الأبله الذي لو كان في هذه الأوطان العربية ثمة عدل ما استحق أن يكون خفيرًا على أصغر قرية مصرية، فهذا شأنه ومقامه إن ُأقيم العدل الذي يرتعد منه ويخشاه.
ولكن سرعان ما ضعف صوت الحرية والكرامة، وتعالى بواسين الأيادي والنعال بأصواتهم البغيضة، ليقدموا الاعتذارت لديكتاتور الجزيرة، فترأس الكتاتني رئيس مجلس الشعب وفدًا شعبيًا تكفل بدفع فاتورته سيد البدوي رئيس حزب الوفد ومشتري جريدة الدستور التي أثخنت جراح نظام مبارك طويلًا، ولكن المعارض الهمام أبى ألا تزيد الجريدة المعارضة النظام ألمًا فقام بشرائها، وتحولت إلى جريدة ناطقة بإسم الحزب الوطني المنحل، هذا تاريخ من تكفل بدفع فاتورة سفر الوفد الشعبي إلى السعودية لتقبيل نعال حكامها، وبعد ذلك بقليل تتداول وسائل الإعلام السعودية خطابًا من الجيزاوي يعتذر فيه إلى ملك السعودية، ثم يكذب الجيزاوي كل هذه الإدعائات في مكاملة تليفونية مع زوجته، ومن بعدها تنقطع أخبار الجيزاوي، ويبقى السؤال ماذا قدم الوفد الذي ترأسه الكتاتني للجيزاوي ولكافة المعتقلين المصريين؟!! لم يقدم الوفد إلا مزيدًا من الانحنائات لديكتاتور الجزيرة ومزيدًا من تقبيل النعال، لم يقدم لنا إلا الذل والعار والمهانة.

ويبقى أيضًا التساؤال الأكبر والأخطر، ماذا قدم الرئيس مرسي الذي ذهب للسعودية ليؤكد على حماية السعودية ومصر للإسلام الوسطي السني، وتناسى كرامة المصريين المهدرة على أرض سيد الخلق، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
القضية ليست في شخص الجيزاوي، فهناك مئات مثله وفي نفس معاناته، والكل يعرف ويرى ويسمع، القضية هي قضية وطن ينزف، وطن ُتهدر كرامته، وأنا على يقين أن بمصر أحرار سيظلوا في ثورة دائمة ضد الظلم والجبروت، ثورة لن تنتهي إلا بعودة كرامة الوطن وصونها.

الحرية للجيزاوي والذل والعار لكل ديكتاتور جائر.

ــــــــــــــــــــــ
عبدالحليم حفينة
15/7/2012


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق