الخميس، 15 سبتمبر 2011

تُصبحون على حرية

تُصبحون على حرية



كان الظلام حالك, والأحداث تسير ببطء وسوء بالغين, كان هذا حالنا قبل العام 2011, عندما كانت المعارضة الرسمية زيلاً من زيول النظام القمعي, ولم تكن هناك أي شبهة للتغيير, ربما كانت هناك أحلام لبعض الشباب الحالم الذي يتمنى أن يرى مصر دولة مدنية حقيقية, تقدر قيمة الإنسان, وتخرج من مستنقع الفساد الإداري والثقافي والأخلاقي...... إلخ من أنواع الفساد .

وجائت ثورة الخامس والعشرون من يناير وكأنها فجر الحرية الذي طال انتظاره طويلاً, تفجرت الثورة بمجهود أولئك الشباب الذي لم يكن يعيرهم النظام اهتماماً, بل صورهم البعض بالنملة التي تسعى لزحزحة ذلك الفيل الضخم الجاثم على أنفاس البلاد والعباد, لكنها كانت إرادة الله التي تجلت في تلك الثورة العظيمة .

لكن ماذا بعد الثورة؟!! هل فعلاً غمرتنا الحرية وأصبحنا نسبح فيها كطفل فتنته مياه البحر؟! هل حقاً ولى عهد الظلمات دون رجعة؟!.. عبثاً أن نقول أننا ننعم بالحرية الآن, فنحن مازلنا غارقين في ظلمات عهد المخلوع, فكل الشواهد حولنا تُقر بذلك.. فبعد 25 يناير.. محاكمات عسكرية تعسفية غير عادلة.. تخبط وغموض في القرار السياسي.. غياب كامل لمضمون العدالة الاجتماعية.. إعلام فاسد ينتهج الكذب والتضليل.. وأخيراً عودة قانون الطوارئ في زيه الجديد الأكثر إثارة للزعر والرعب, فنحن مازلنا نعيش في عصر مبارك ولكن الفارق الوحيد أن نُقل مبارك من قصره إلى هذا المشفى الراقي المحاط بنفس حراسة القصر أو تزيد .

 إذاً متى سيأتي عصر الحرية؟.. لن تأتي إلينا الحرية بترديدها في هتفاتنا أو تكرارها في خطابات من يحكمون البلاد الآن من مجلس عسكري متخاذل ومجلس وزراء معدوم الإرادة والقرار.. لن تأتي الحرية إلا بنظامِ ديمقراطيِ اختاره الشعب, لن تأتي الحرية إلا عندما يقرها ويبلورها دستور يعبر عن جميع أطياف المجتمع, لن نشم ريحها الا عندما نتوافق على نظام عادل يعيش فيه الجميع سواء أمام القانون, فلا مفر من التوافق الآن على بناء هذا النظام لكي نتخطى هذه الفتره العصيبة من تاريخ بلادنا, وبغض النظر عن تلك الأيدلوجيات والأجندات اللعينة التي يتشبث بها البعض ممن لا يدركون أنه لا سبيل إلى تطبيق أيدلوجية ما بشكل صحيح إلا من خلال نظام ديمقراطي حقيقي, فيمكنهم حينها عرضها على الشعب بعيداً على الإبتزاز بإسم الدين أو بإسم المدنية والرقي, فبكل بوضوح يجب أن ينتهي الصراع الوهمي بين الإسلاميين والليبراليين, ويلتفت الإثنين معاً إلى بناء نظام يكفل للجميع المنافسه الحره النزيهه بعيداً عن أي استقطاب أو انتهازية .

أخيراً أقول إننا أمام أنبل الثورات على الإطلاق وأكثرها تحضراً ورقي, وربما ذلك يكون سبباً في أنها لم تكن حاسمة ناجزة, ولكنها إرادة الله التي يجب أن نؤمن بها ونتعامل معها بمنتهى الحكمة والحزم معاً .
 أتمنى على الله ألا تضيع دماء الشهداء هبائاً, فالشهداء الأطهار لم يقدموا أرواحهم لكي يحاكم حفنة من المجرمين سابقي الإجرام, لقد خرج أولئك الأطهار لكي ينعم أولادهم وأحفادهم بإنسانيتهم وحريتهم وكرامتهم.. خرجوا لكي يزورنا فجر الحرية.. فلتُصبحون وتُصبح أرواحهم الطاهرة على الحرية .

عبدالحليم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق